التفاصيل

قرار رئيس مجلس القضاء الأعلى درس في الإنسانية… هل تحذو نقابة المحامين حذوه مع أحمد هاشم؟

د.ماجد الربيعي :
في وقت يحتاج فيه المحامي أحمد هاشم إلى دعم نقابته، للأسف، تم اتخاذ قرار شطب اسمه من سجل المحامين بدلاً من تقديم المساعدة التي كان في أمس الحاجة إليها. النقابة، التي من المفترض أن تكون داعمة لأعضائها في الأوقات الصعبة، اختارت أن تتخلى عن مسؤوليتها الإنسانية، مما فاقم معاناة أحمد. إن مجلس النقابة كان أولى به أن يتخذ قراراً يعكس الإنسانية والعدالة، على غرار ما فعله رئيس مجلس القضاء العراقي الذي أظهر حكمة وإنسانية نادرة في قراره منح المحكومين بسبب تعاطي المخدرات فرصة للعلاج في مؤسسات صحية بدلًا من إيداعهم في السجون. هذا القرار لم يكن مجرد إجراء قانوني، بل كان رسالة قوية عن القيادة الإنسانية التي تُقدّر الإنسان وتحترم كرامته حتى في أصعب الظروف. رئيس مجلس القضاء أكد بهذا القرار أن العدالة ليست فقط في إصدار الأحكام، بل في منح الأفراد فرصة للتعافي والعودة للمجتمع كأفراد منتجين. هذا الموقف يُجسد معاني الرحمة والتسامح التي قامت عليها حضارتنا العريقة، ويُعبر عن قيم الدين الإسلامي الحنيف الذي يدعو إلى الإصلاح بدل العقاب حينما يكون ذلك ممكناً. مثل هذه القرارات يجب أن تكون نموذجاً يُحتذى به، لأنها تمثل وجه العدالة الحقيقي، الذي يوازن بين حماية المجتمع ومراعاة الجانب الإنساني في معالجة الأخطاء. اليوم، وفي ظل الظروف التي يمر بها أحمد هاشم، يجب على نقابته أن تتبنى نفس المبادئ الإنسانية. بدلاً من اتخاذ قرار الشطب، كان من الأجدر أن يتم إيقافه مؤقتاً عن ممارسة المهنة مع تكفل النقابة بعلاجه النفسي. النقابة يجب أن تكون درعاً واقيًاً للمحامين في أوقات الصعوبات، لا أن تتحول إلى خصم في اللحظات التي يكون فيها المحامي بأمس الحاجة للدعم. أنا وجميع محامي شركة المسلة الدولية ندعو نقابة المحامين لإعادة النظر في قرار شطب المحامي أحمد هاشم، واتخاذ خطوة تعكس قيم العدالة والإنسانية. نقترح أن يتم إيقافه عن ممارسة المهنة لمدة سنة أو أكثر، حسب حاجته للعلاج، مع تكفل النقابة بتغطية نفقات علاجه النفسي حتى يتعافى تماماً ويعود لممارسة مهنته. ونؤكد أننا، في المسلة الدولية، على أتم الاستعداد للمساهمة في تغطية نفقات علاجه، سواء كانت داخل العراق او خارجه انطلاقاً من إيماننا العميق بمسؤوليتنا الإنسانية والمهنية تجاه زميلنا. هذا هو التصرف الذي يليق بنقابة تحمل على عاتقها حماية حقوق أعضائها، وتُظهر التزامها بالقيم الإنسانية التي تعكس جوهر رسالتها في دعم العدالة والرحمة. لنكن أكثر إنسانية في تعاملنا مع الآخرين، فنحن أبناء حضارة وادي الرافدين التي وضعت أسس القانون والعدالة، وجعلت من قيم التسامح والرحمة ركائز لها. كما أن ديننا الإسلامي الحنيف جعل الإنسانية جوهراً للعلاقات بين الناس، ودعانا إلى الرحمة والإصلاح. فلنعكس هذه القيم العظيمة في أفعالنا، لا في أقوالنا فقط، ولنضع العدالة والرحمة في صلب قراراتنا وأعمالنا، لأنها تجسد إرثنا الحضاري والإنساني بأبهى صورة، وتليق بمكانتنا كحاملي هذا الإرث العريق. المحامي د. ماجد الربيعي