التفاصيل

كيف تمنح المادة 10 الزوجة سلطة اختيار منزلها؟
بين
المدونة الجعفرية وقانون الأحوال الشخصية: كيف تمنح المادة 10 الزوجة سلطة اختيار
منزلها؟
تعد
المادة 10 من مدونة الأحكام الشرعية للفقه الجعفري من أبرز المواد التي تمنح
الزوجة حقوقاً محددة وواضحة تتعلق بالسكن، مما يعكس حرص التشريع على حماية مصالحها
داخل الزواج. تنص المادة على أنه:
“إذا
اشترطت عليه أن يسكنها في بلدها أو في بلد معين غيره أو في منزل مستقل صح الشرط
ويلزمه الوفاء لها به ما لم تسقطه، ولو خالف الشرط أثم ولكن لا يثبت لها الخيار أي
حق فسخ العقد بذلك. ويجوز لها الرجوع إلى القضاء لإجبار الزوج على الوفاء به، كما
يجوز لها عدم السكنى في غير ما اشترطته ولا تعد ناشزة بذلك.”
يوضح
هذا النص أن المرأة تتمتع بحق قانوني محدد عند توقيع العقد لتحديد مكان سكنها،
سواء كان في بلدها أو في بلد معين آخر، أو في منزل مستقل. وإذا خالف الزوج هذا
الشرط، يكون أثماً شرعاً، لكنها تبقى محمية قانونياً من خلال إمكانية اللجوء إلى
القضاء لإجباره على الالتزام بما اشترطته. كما ينص الشق الأخير من المادة على أنه
يجوز للزوجة عدم السكن في مكان غير ما اشترطته، ولا تعتبر ناشزة بذلك، ما يضمن
حمايتها من أي اتهام بالنشوز أو مخالفة الزواج بسبب تمسكها بحقها في اختيار السكن.
عند
مقارنة هذا الحق بالقانون العراقي رقم 188 لسنة 1959 للأحوال الشخصية، يتضح الفرق
الكبير. فالقانون لا يمنح المرأة حقاً صريحاً لتحديد مكان سكنها عند توقيع العقد،
بل يترك هذه المسألة ضمن تقدير الزوج، مع إمكانية تدخل القضاء لاحقاً فقط في حال
حدوث نزاع أو ضرر. بالمقابل، تمنح المادة 10 المرأة حماية مسبقة وواضحة، مع حق
مباشر للامتناع عن السكن في مكان مخالف لشروطها دون أي آثار سلبية قانونية أو
شرعية. تمثل المادة 10 نموذجاً
عملياً للتميز الذي توفره المدونة الجعفرية في حماية حقوق المرأة، إذ تمنحها
القدرة على التحكم في سكنها وفق شروطها القانونية، وتقليل احتمالات النزاع الزوجي.
كما تؤكد أن العقد يمكن أن يكون أداة فعلية لضمان حقوق الزوجة منذ البداية، قبل أن
تتدخل إجراءات القضاء لاحقاً، ما يعكس التوازن بين الالتزام الشرعي والسلطة
القانونية.
د.ماجد الربيعي
