تسجيل العلامات التجارية

You are here:

مع التطور التكنولوجي والزيادة بالانفتاح على العالم وظهور العولمة أصبحت العلامة التجارية من أساسيات العمل التجاري؛ حيث أصبحت العلامة التجارية تربط بين الجمهور والشركة بحيث تمثل وجه الشركة وتساعدها بتمييز منتجاتها عن منتجات المنافسين؛ ونتيجة لأهميتها وجب نص قانون خاص بالعلامة التجارية.

تعريف العلامة التجارية:

تعرّف العلامة التجارية بأنها عبارة عن شعار أو رمز أو تعبير تميز منتج شركة أو سلع خدمات عن شركة منافسة لها للدلالة على أن الخدمات المقدمة للعملاء والتي تظهر عليها العلامة التجارية تنشأ من مصدر وحيد، وترتبط هذه العلامة بالتسويق والإعلان في الأعمال التجارية.

الهدف من العلامة التجارية:

 إن الهدف من العلامة التجارية بشكل عام هو كسب المال، فهناك الكثير من الشركات الاجتماعية والبيئية التي وجدت من أجل توفير ما يحتاجه الناس بجودة ودقة عالية وما يريده الناس ويحدد المستهلكون مصير العلامة التجارية بمشترياتهم.

أهمية العلامة التجارية:

  • سهولة معرفة المنتج وتوفير الحماية للمنتج واستعمالها على منتجاته، فكلما كانت العلامة التجارية شعارها بسيط تصل الفكرة للمستهلك بشكل ابسط وأسرع.
  • دور العلامة التجارية في قيمة الأسهم فلها دور كبير في انخفاض وارتفاع من قيمة الأسهم الخاصة بالشركة، وهذا ما يعزز من روح الموظفين والمنتجين في السعي لتطوير وتحسين المنتج.
  • زيادة الثقة بين العملاء والشركة، بالعملاء دائما يختارون الموجات التي تمنحهم شعور الأمان.
  • إحباط جهود المنافسين الغير مشروعة مثل: المزورين الذين يسعون في تسويق منتجات سيئة تؤدي إلى إساءة سمعة الشركة.
  • جذب انتباه العملاء إلى السلع الجديدة وسهولة متابعة الطلبات والتعرف على مشاكل طرف الشركة المنتجة.
  • تمثل العلامة التجارية الجهود الإعلانية ومسؤولية كبيرة على الشركة المنتجة لذلك تسعى دائماً إلى تقديم المنتجات الأعلى جودة وكفاءة.
  • تساعد العلامة التجارية العملاء على اختيار منتج معين وعدم الخلط بين المنتجات أو السلع.

عناصر العلامة التجارية:

تشتمل العلامة التجارية على عناصر تمنحها التميز والانفراد وهي:

*التعبير البصري:

يتم التعبير عن هذا العنصر بالاستعانة بالمصممين الذين يصممون شعار خاص ومعين بالشركة أو تصميم العلامة التجارية وهو أهم مكونات العلامة التجارية؛ لأن يهدف إلى تذكير العميل بالعلامة التجارية.

*القيمة:

تعمل القيمة على إنجاح العلامة التجارية وغير هذه القيمة يتم تحديد العملاء والفئات المستهدفة فمثلاً: عند تصميم منتج معين بجودة مميزة يشجع غيره من الأشخاص على شراء نفس المنتج.

*الفائدة:

يحصل عليها الأشخاص عند شرائهم للمنتج أو السلعة.

أشهر أنواع العلامات التجارية:

  • علامة التجارة: وهي العلامة التي يستخدمها التاجر في تمييز المنتجات بعد شرائها من تاجر الجملة أو المنتج مباشرة فتشير إلى مصدر البيع.
  • علامة الخدمة: وهي العلامة التي يستخدمها صاحبها حتى يظهر بها في السوق بحيث تصبح بعد مرور الوقت دالة على نوع الخدمة وعلى مصدرها مثل: شركات التأمين والبنوك.
  • العلامات الإلكترونية: وهي موجودة فقط في العالم الافتراضي تعمل على توفير واجهة أمامية عبر الانترنت لتقديم المنتجات أو الخدمات المادية.
  • علامة المكان الجغرافي: هناك العديد من المناطق التي تسعى إلى العلامة التجارية لزيادة الوعي بالصفات الأساسية ويمكن للاماكن ذات العلامات التجارية أن تتراوح من دول لدول وإلى المدن والشوارع وحتى المباني.

معايير شهرة العلامة التجارية المشهورة

من خلال استقراءنا لنصوص التشريعات المقارنة والاتفاقيات الدولية نجد إن هناك معايير يمكن الاستناد إليها لتحديد مدى شهرة العلامة التجارية، ولا سيما المعايير التي نتجت من خلال الاجتماعات التي عقدتها الجمعية العامة لاتحاد باريس لحماية الملكية الصناعية والجمعية العامة للمنظمة العالمية للملكية الفكرية (الويبو) (wipo) في دورة مشتركة لجمعيات الدول الأعضاء في الويبو من (20- 25) سبتمبر/ سنة /1999  بشأن الأحكام الخاصة بالعلامات التجارية المشهورة، وقد وضعت هذه التوصية المشتركة عدة قواعد أو معايير يمكن الاسترشاد بها لتحديد متى تعد العلامة التجارية مشهورة . وفي ضوء ذلك يمكننا تقسيم معايير شهرة العلامة التجارية إلى قسمين وهي معايير موضوعية، ومعايير شخصية. 

المعايير الموضوعية:

أشارت التوصية المشتركة التي صدرت بشأن العلامة التجارية المشهورة إلى عدة معايير موضوعية يمكن الاستناد إليها لتحديد شهرة العلامة وذلك في المادة ( 2/ ف1- ب ) والتي نصت على أن ( تراعي السلطة المختصة على وجه الخصوص المعلومات المقدمة إليها بشأن العوامل التي يستخلص منها إن العلامة معروفة جدا”، بما في ذلك المعلومات المتعلقة بما يلي على سبيل المثال لا الحصر وهي كالآتي :- 

أولا”: – مدى شهرة أو معرفة العلامة في قطاع الجمهور المعني، ويمكن تجديد ذلك عن طريق الدراسات الاستقصائية للأنماط الاستهلاكية واستطلاع آراء المستهلكين وهذا يعرف بالمسح الشامل أي اخذ عينة من جمهور المستهلكين وتوجيه الأسئلة لهم عن مدى معرفتهم بعلامة تجارية معينة ودرجة معرفتهم بها.

ثانيا”: – مدة الانتفاع بالعلامة أو مدة استعمالها بأي وجه من الوجوه، ومدى ذلك الانتفاع أو الاستعمال ونطاقه الجغرافي، ويمكن تقدير شهرة العلامة وفقا” لهذا المعيار من خلال المبيعات من المنتجات أو الخدمات ومدى إسهام العلامة في سوق هذه المنتجات وطول فترة تواجد المنتج الذي تحمله العلامة في الأسواق التجارية. إضافة لذلك فان التوصية المشتركة أشارت في المادة (2/ف3- أ (1)) إلى عدم جواز اشتراط الانتفاع الفعلي بالعلامة في الدولة التي يراد فيها حمايتها باعتبارها علامة شائعة الشهرة، إذ يكفي أن تكون العلامة معروفة فيها نتيجة لحملات الدعاية والإعلان، مثال ذلك علامة (كوكا كولا) كانت معروفة في الاتحاد السوفيتي السابق من خلال الدعاية والإعلان بالرغم من عدم توافر المنتج في الأسواق السوفيتية (12). ومع ذلك فقد يكون من المفيد لإثبات معرفة الجمهور بتلك العلامة في دولة معينة تقديم ما يدل على استعمالها في دولة مجاورة أوفي دولة تنطق باللغة أو اللغات ذاتها أو في دولة لها علاقات تجارية وثيقة بها أو دولة تمتد إليها وسائل الإعلام الخاصة بالدولة التي يراد فيها حماية العلامة كعلامة مشهورة ويدخل في عداد ذلك استعمالها على شبكة الانترنت.

ثالثا”: – مدة الدعية والإعلان عن العلامة ومدى نجاح حملات الدعاية والإعلان ونطاقها الجغرافي وعرض السلع والخدمات التي تميزها العلامة في المعارض والأسواق الترويجية الوطنية والدولية (14)، لذا فان طول المدة الزمنية لوجود العلامة في الأسواق يشكل عاملا” يدل على شهرة العلامة، فكلما زاد عمر العلامة في الأسواق زادت قدرتها على التميز واكتسبت شهرة.

رابعا”: – عدد البلدان التي سجلت فيها العلامة أو قدمت إليها طلبات التسجيل ونطاقها الجغرافي والمدة الزمنية التي مضت على تسجيلها فقد يكون عدد تسجيلات العلامة في العالم ومدة تلك التسجيلات مؤشرا” يسمح للبت في إمكانية اعتبار العلامة مشهورة، ولا يشترط أن تكون العلامة مسجلة في كل البلدان باسم صاحب العلامة فقد تكون مملوكة لعدة شركات مختلفة تعمل فيبلدان متفرقة ولكنها تنتمي الى مجموعة واحدة أو تربطها صلات وثيقة أو علاقات مشاركة وتعاون. لذلك فأن تسجيل العلامة في أكثر من دولة يسبغ عليها نطاق الحماية في الدول التي سجلت فيها بغض النظر عن استعمال العلامة من عدمه.

خامسا”: – الحالات التي تم فيها إنفاذ الحقوق المتصلة بالعلامة ولاسيما الحالات التي تم فيها تمييز العلامة كعلامة مشهورة من قبل الجهات المعنية، أي الحالات التي صدر فيها قرارات من السلطات المختصة تم الاعتراف فيها بان العلامة مشهورة.

سادسا”: – قيمة العلامة في الأسواق التجارية أو الخدمية، حيث تقوم المؤسسات او الهيئات الدولية المتخصصة في مجال العلامات التجارية بتقدير القيمة السوقية للعلامة حسب معايير وأساليب متفق عليها فكلما كانت القيمة المالية للعلامة التجارية مرتفعة كان دليلا” على شهرتها أي كلما زادت شهرة العلامة وسمعتها زادت قيمتها المالية.

ونود أن نبين بأن هذه العوامل وردت على سبيل المثال لا الحصر أي هي مجرد عوامل استرشادية لتحديد مدى اعتبار علامة ما مشهورة، فإنها ليست عوامل حاسمة في هذا الشأن، حيث إن المادة (2/ف1-ج) من التوصية المشتركة نصت على انه (ليست العوامل المذكورة أعلاه لتسترشد بها السلطة المختصة عند البت فيما إذا كانت العلامة شائعة الشهرة شروطا” مسبقة للبت في ذلك، بل يتوقف البت في كل حالة على الظروف الخاصة بتلك الحالة……).

أما المادة (2/ف1- أ) من التوصية نفسها فقد تضمنت بأن ( تراعي السلطة المختصة في تحديد ما إذا كانت العلامة شائعة الشهرة أية ظروف قد يستخلص منها ان العلامة معروفة جدا” )، وهذا يعني ان محكمة الموضوع لها سلطة تقديرية في استخلاص مدى شهرة العلامة التجارية من واقع أدلة الإثبات التي تقدم إليها أثناء نظر النزاع مهتدية في ذلك بعدة معايير استرشادية أي لا تعد شروطا” يجب أن تلتزم بها السلطة المختصة عند الفصل في مسألة ما إذا كانت العلامة مشهورة أم لا، فأن البت في هذه المسألة يتوقف على الظروف المحيطة بكل حالة على حدة، فأن قاضي الموضوع له مطلق الحرية في الأخذ بهذه العوامل جميعا” أو بعضها أو عدم الأخذ بها وفقا” لطبيعة النزاع المعروض، لان بعض الحالات قد تكون هذه العوامل جميعها مفيدة، وفي حالات أخرى قد لا يكون أي من هذه مفيدا” وبذلك يقوم قرار الجهة المختصة على عوامل أخرى غير واردة في هذه التوصية المشتركة، وفي هذه الحالة قد تكون العوامل الأخرى كافية لوحدها أو قد يتم الاستعانة بعامل أو أكثر من العوامل التي وردت في التوصية. 

ونود أن نبين هنا بأن العلامة التجارية حتى تعد مشهورة لابد من أن تتجاوز شهرتها حدود البلد الأصلي لها وبمعنى آخر انه لا يكفي شهرة العلامة داخل الدولة التي نشأت فيها لاعتبارها علامة مشهورة بل يجب أن تكون مشهورة عالميا” أي أن تمتد شهرتها إلى البلدان الأخرى خارج حدود دولتها بالإضافة إلى شهرتها داخل الدولة الأخيرة. وهذا ما أشارت إليه التشريعات المقارنة، منها قانون الملكية الفكرية المصري حيث نجد ان المادة (68/ف1) منه قد نصت على أن (يكون لصاحب العلامة التجارية المشهورة عالميا” وفي جمهورية مصر العربية حق التمتع بالحماية المقررة في هذا القانون………..). وكذلك الحال قانون العلامات التجارية الإماراتي أشار بصورة صريحة على إن العلامة التجارية المشهورة هي التي تجاوز شهرتها حدود البلد الأصلي الذي سجلت فيه إلى البلدان الأخرى وذلك حسب نص المادة (4/ف1) على انه (لا يجوز تسجيل العلامة التجارية ذات الشهرة العالمية التي تجاوز حدود البلد الأصلي للعلامة إلى البلاد الأخرى………..). كما أشار إلى ذلك أيضا” قانون العلامات التجارية الأردني في المادة (2) والتي نصت على إن (العلامة التجارية المشهورة هي العلامة ذات الشهرة العالمية التي تجاوز شهرتها البلد الأصلي الذي سجلت فيه……).

وكذلك الحال بالنسبة لاتفاقية تربس (trips) المتعلقة بحقوق الملكية الفكرية لسنة 1995حيث نجد إن المادة (16/ف2) تنص على انه (……. وعند تقدير ما إذا كانت العلامة معروفة جدا” تراعى البلدان الأعضاء مدى معرفة العلامة في قطاع الجمهور المعني بما في ذلك معرفتها في البلد العضو نتيجة ترويج العلامة). يتضح لنا من ذلك إن الاتفاقية فرضت على السلطة في الدول الأعضاء أن تراعي مدى العلامة التجارية في قطاع الجمهور المعني بالإضافة لذلك معرفتها في البلد العضو المعني أي البلدان الأعضاء في الاتفاقية والتي اشتهرت فيها العلامة نتيجة الترويج والإعلان الذي يتم بأية وسيلة تؤدي شهرة العلامة كالاستعمال أو الدعاية وغيرها من الوسائل التي تحقق الشهرة. كما نصت على ذلك أيضا” اتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية لسنة 1883 في المادة (6/ ثانيا”) والتي نصت على إن (شهرة العلامة يجب أن توجد في الدولة العضو التي يطلب فيها حماية العلامة باعتبارها علامة مشهورة). وكذلك التوصية المشتركة في المادة (2/ف3- أ (2) وب).

وهذا يعني إن الاتفاقيات الدولية اشترطت في العلامة التجارية حتى تعد مشهورة أن تمتد شهرتها إلى جميع الدول الأعضاء في الاتفاقية بما في ذلك الدولة العضو المطلوب منها الحماية، أما بالنسبة للقوانين الوطنية سابقة الذكر فإنها تشترط الشهرة العالمية للعلامة التجارية حتى تعد مشهورة بالإضافة إلى شهرتها في البلد الأصلي المسجلة فيه.                                  

ونحن نتفق مع ما جاءت به القوانين الوطنية لأن ذلك من شأنه أن يتطابق مع طبيعتها كعلامة مشهورة 

المعايير الشخصية

تقوم هذه المعايير على أساس شخصي أي تعتمد على معرفة الجمهور بالعلامة المشهورة، بمعنى آخر حتى تعد العلامة التجارية مشهورة لابد من أن تكون معروفة لدى قطاع جمهور المستهلكين، وهذا ما أشار إليه قانون العلامات التجارية الأردني في المادة (2) عند تعريف العلامة التجارية المشهورة هي التي (…… اكتسبت شهرة في القطاع المعني من الجمهور في المملكة الأردنية الهاشمية). وكذلك المادة (2/ف2) م قانون العلامات التجارية الإماراتي على انه (تحد شهرة العلامة في مدى معرفتها لدى الجمهور المعني نتيجة ترويجها). كما نصت على ذلك أيضا” اتفاقية تربس (trips) للملكية الفكرية في المادة (16/2) على انه (….. عند تقدير ما إذا كانت العلامة التجارية معروفة جيدا” تراعى البلدان الأعضاء مدى معرفة العلامة التجارية في قطاع الجمهور المعني…….). وكذلك المادة (2/ف2- ب) من التوصية المشتركة والتي نصت على انه (إذا تقرر إن العلامة معروفة جدا” في أحد قطاعات الجمهور المعنية على الأقل في دولة عضو، تعين على الدولة العضو أن تعتبر العلامة علامة شائعة الشهرة).  

يتضح لنا من ذلك بأن السلطات المختصة عند تقديرها شهرة علامة ما يجب أن تأخذ بعين الاعتبار مدى معرفة العلامة في نطاق قطاع الجمهور المعني أي جمهور المستهلكين الذين يتعاملون مع المنتجات أو الخدمات التي تحمل العلامة محل البحث عن شهرتها.

والسؤال الذي يثار هنا، هو ماذا يقصد بقطاع الجمهور المعني الذي يشترط أن تكون العلامة التجارية معروفة لديه حتى تعد مشهورة، هل هو جمهور المجتمع ككل، أم الجمهور الذي يتعامل مع السلع أو الخدمات التي تميزها العلامة التجارية؟ 

للإجابة عن ذلك نجد إن هناك عدة آراء: 

الأول: يذهب إلى إن العلامة التجارية حتى تعد مشهورة يكفي أن تكون معروفة لدى الفئة أو الطبقة من المستهلكين الذين يتعاملون مع المنتجات أو الخدمات التي تحمل العلامة، وليس معيار الشهرة أن تكون معروفة على مستوى المجتمع بصورة عامة. ومثال ذلك: عند تقدير شهرة علامة مرتبطة بمضارب التنس فانه يجب النظر إلى شهرتها في قطاع لاعبي التنس وليس في المجتمع كله، وكذلك الحال عند تقدير شهرة علامة مرتبطة بالأجهزة الطبية فانه يجب النظر إلى شهرتها بين المتخصصين في استخدام هذه الأجهزة دون باقي قطاعات المجتمع. 

 أما الثاني : فانه يرى إن الجمهور المعني هنا يؤخذ بمعناه الواسع أي يجب أن لا تنحصر شهرة العلامة في قطاع معين من الجمهور وهم الذين يستخدمون المنتجات التي تحمل العلامة وهو ما يطلق عليه (الجمهور المتخصص)، بل يجب أن تمتد شهرتها إلى الأوساط التي لا تتعامل مع السلع أو الخدمات التي تحمل العلامة أي يجب أن تكون العلامة معروفة على مستوى المجتمع بصورة عامة ,وفي ضوء ذلك العلامة المتعلقة بمضارب التنس إذا كانت معروفة لدى المهتمين بمضارب التنس فقط لا تعد علامة مشهورة، فحتى تعد كذلك يجب أن تكون معروفة أيضا” لدى الأشخاص الذين لا يلعبون التنس . 

أما المشرع المصري والإماراتي فإنهم فرقوا بين حالتين فيما يتعلق بالجمهور المعني كمعيار يحدد شهرة العلامة التجارية: 

الحالة الأولى: إذا كان طلب تسجيل أو استعمال العلامة يتعلق بمنتجات أو خدمات مماثلة للمنتجات أو الخدمات التي تميزها العلامة المشهورة فالجمهور المعني هنا هو الجمهور الذي يستخدم المنتجات أو الخدمات ذاتها. وهذا ما أشارت إليه التوصية المشتركة في المادة (2/ف3(أ) بند 3) بأنه (لا يجوز للدولة العضو أن تشترط عند البت فيما إذا كانت العلامة شائعة الشهرة أن تكون معروفة جدا” لدى الجمهور عامة وإنما يجب أن يقتصر شرط معرفة العلامة على الجمهور المعني بالسلع أو الخدمات التي تغطيها العلامة محل النزاع). وذلك حسب نص المادة (68/ف1و2) من قانون الملكية الفكرية المصري رقم (82) لسنة 2002 (22)، والمادة (4/ف1و2) من قانون العلامات التجارية الإماراتي (23). 

أما الحالة الثانية: فهي إذا كان طلب تسجيل أو استعمال العلامة يقع على منتجات أو خدمات تختلف عن المنتجات التي تميزها العلامة المشهورة، فان الجمهور المعني في هذه الحالة هو جمهور المجتمع بصورة عامة، أي لا يقتصر الأمر على الجمهور الذي يستعمل السلعة أو الخدمة التي تميزها العلامة وإنما إلى المجتمع ككل.  وهذا ما أشارت إليه التوصية المشتركة في المادة (4/ف1(ج)) والتي نصت على انه (يجوز للدولة العضو أن تشترط حتى تكون العلامة شائعة الشهرة أن تكون معروفة جدا” لدى الجمهور عامة إذا كان الغرض من هذا التوسع هو حماية العلامة المشهورة من أن يستعملها الغير لتمييز سلع أو خدمات غير مماثلة). 

ونحن بدورنا نؤيد رأي المشرع المصري والإماراتي ونأمل من المشرع العراقي أن يحذو حذوهم لأن ذلك من شأنه أن يوسع من مفهوم العلامة التجارية المشهورة لأنه لا يشترط فيها شهرة العلامة التجارية على مستوى المجتمع كله وإنما يشترط شهرتها لدى من المتخصصين باستعمال السلع التي تحمل العلامة، لذلك فإذا كانت السلعة أو الخدمة تقدم إلى قطاع معين كالمتخصصين أو المهنيين في مجال معين فيجب أن تكون العلامة معروفة لديهم، مثال ذلك: عند تقدير شهرة علامة متعلقة بمنتوج السكائر ينظر فيها إلى مستهلكي السكائر (المدخنين). أما إذا كانت السلعة أو الخدمة تقدم لجمهور المجتمع بصورة عامة فيجب أن تكون العلامة معروفة لدى المجتمع ككل مثال ذلك: علامة (كوكا كولا) للمشروبات الغازية عند تقدير شهرتها يجب أن نرجع إلى المجتمع ككل، وكذلك الحال إذا العلامة متعلقة بمساحيق الغسيل كالصابون أو ما شابه. ونتيجة لذلك نجد إن التوصية المشتركة قد أوضحت في المادة (2/ف2- أ) المقصود بالقطاع الجمهور المعني على انه (تشمل القطاعات المعنية من الجمهور ما يلي دون أن تقتصر عليه بالضرورة: 

1- المستهلكين الفعليين أو المحتملين لنوع السلع أو الخدمات التي تنطبق عليها العلامة، وان مصطلح المستهلكين هنا يؤخذ بمعناه الواسع فلا يقتصر على من يستهلك المنتج بالفعل وإنما من يحتمل أن يصبح مستهلك للمنتج، وان طبيعة السلع أو الخدمات قد تتغير وتتفاوت إلى حد كبير فان المستهلكين الفعليين أو المحتملين يتغيرون في كل حالة لذا فمن الممكن تحديد مجموعات هؤلاء المستهلكين بمعايير معينة مثل المجموعات المستهدفة من السلع والخدمات التي يشملها الانتفاع بالعلامة أو مجموعة المشرين الفعليين.

2- الأشخاص المعنيين في قنوات توزيع نوع السلع والخدمات التي تنطبق عليها العلامة، وان قنوات التوزيع تتفاوت حسب طبيعة السلع والخدمات، إذ إن بعض السلع يتم بيعها في المراكز التجارية ويسهل على المستهلكين الحصول عليها، والبعض الآخر من السلع توزع عن طريق وكلاء معتمدين أو بائعين متجولين يتعاملون مباشرة مع الشركات المستهلكة أو الزبائن في منازلهم، لذلك فان الدراسة الاستقصائية للأنماط الاستهلاكية التي تقتصر على رواد المراكز التجارية فقط قد لا تكون مؤشرا” جيدا” لتحديد القطاع المعني من الجمهور بالنسبة لعلامة لا تباع سلعها إلا عبر البريد الالكتروني.

3- الأوساط التجارية التي تتعامل بنوع السلع والخدمات التي تنطبق عليها العلامة كالمستوردين لتلك السلع أو البائعين وأصحاب الترخيص أو حقوق الامتياز الذين تهمهم السلع والخدمات التي تحمل العلامة والمستعدون للتعامل. 

ونود الإشارة إلى إن هذه القطاعات المعنية من الجمهور المذكورة أعلاه وردت على سبيل المثال لا على سبيل الحصر.

الحماية القانونية للعلامة التجارية المشهورة

إن بعض المنافسين يتخذون عدة صور للاعتداء على العلامة التجارية المشهورة للاستفادة من شهرتها في تسويق منتجاتهم وهذا الاعتداء بدوره يؤدي إلى حصول نوع من الخلط واللبس لدى جمهور المستهلكين حول المصدر الحقيقي لهذه المنتجات، لذلك قررت القوانين المقارنة توفير الحماية قانونية لها من الاعتداء عليها شأنها في ذلك شأن أي علامة تجارية أخرى، إلا إن حماية العلامة التجارية المشهورة تكون أوسع من الحماية المقررة للعلامات التجارية الأخرى ( غير المشهورة ) حيث لا تقتصر على حمايتها مدنياً بل تمتد إلى حمايتها جنائيا”، أي فرض عقوبات جزائية على من يستعمل علامة مشابهة لعلامة مشهورة. وللإحاطة بذلك سنقسم هذا المبحث على مطلبين، الأول للحماية المدنية والثاني للحماية الجنائية. 

الحماية المدنية للعلامة التجارية المشهورة

إن العلامة التجارية المشهورة تتميز بأن حمايتها قانوناً يشكل استثناء من مبدأين أساسيين في قانون العلامات التجارية وهما مبدأ الإقليمية (الوطنية) ومبدأ التخصص. ويقصد بمبدأ الإقليمية هو إن حماية العلامة التجارية ينحصر فقط في إقليم الدولة التي سجلت أو استعملت فيها، لذلك يجوز لأي شخص تسجيل استعمال العلامة التجارية في دولة لم تسجل أو تستعمل فيها، ولكن هذا لا يتناسب مع العلامة  التجارية المشهورة ولم يعد هذا الإجراء كافياً لتوفير الحماية القانونية لها في الدول الأخرى التي وصلت إليها شهرة العلامة التجارية ولم تسجل فيها، سيما وان مبدأ الإقليمية يشجع الاعتداء على العلامة التجارية المشهورة في الدول التي لم تسجل فيها مما يؤدي إلى إفادة الغير منها بدون وجه حق والإضرار بمصالح مالكها. أما مبدأ التخصص فيقصد به إن حماية العلامة التجارية تكون فقط عند استعمالها على منتجات أو خدمات مماثلة لتلك التي تودع عليها العلامة التجارية المشهورة ولكن يجوز استخدامها لتمييز أو خدمات غير مماثلة (مختلفة).

وهذا ما لا يتناسب مع العلامة التجارية المشهورة لأن ذيوعها وانتشارها يصل إلى مرحلة بحيث يصعب تقبل استعمالها على منتجات غير مماثلة لتلك المرتبطة بها نتيجة ارتباطها بأذهان جمهور المستهلكين فاستعمالها من قبل الغير لتمييز منتجات غير مماثلة يؤدي إلى خلق خلط ولبس لدى المستهلكين عن مصدر المنتجات وهذا ما يضيع على أصحاب العلامة المشهورة الجهود والنفقات التي أنفقوها على الدعاية والإعلان لتحقيق شهرة العلامة. 

لذلك فمن الضروري إيجاد نظام خاص يحميها وان الوقت الذي ينظر فيه إلى شهرة العلامة هو وقت تقديم طلب التسجيل الثاني أي التاريخ الذي يرغب فيه الغير تسجيل إحدى العلامات المشهورة وليس قبل ذلك. 

لذلك سنقسم هذا المطلب على فرعين، الأول للحماية المدنية بالنسبة للمنتجات المماثلة، والثاني للحماية المدنية بالنسبة للمنتجات غير المماثلة. 

الحماية المدنية بالنسبة للمنتجات المماثلة (المشابهة)

تتمتع العلامة التجارية المشهورة بالحماية المدنية عند استعمالها من قبل الغير على سلع أو خدمات مشابهة لتلك التي وضعت عليها العلامة المشهورة حتى ولو لم تسجل أو تستعمل داخل الدولة المطلوب منها الحماية، وهذا ما أشار  إليه قانون العلامات التجارية العراق رقم (23) لسنة 1957 المعدل بقانون رقم (80) لسنة 2004 في المادة (4/ف2) والتي نصت على انه ( يتمتع مالك العلامة المشهورة بالحماية الممنوحة بموجب هذا القانون ولو لم تسجل العلامة في العراق ).وكذلك قانون الملكية الفكرية المصري في المادة (68/ف1) والتي نصت على انه ( يكون لصاحب العلامة التجارية المشهورة عالما” وفي جمهورية مصر العربية حق التمتع بالحماية المقررة في هذا القانون ولو لم تسجل في جمهورية مصر العربية ). يتضح لنا من ذلك إن المشرع المصري يشترط لتمتع العلامة التجارية المشهورة بالحماية المدنية في مصر أن تكون مشهورة عالميا” بالإضافة إلى شهرتها داخل مصر، أي لا تكفي شهرة العلامة خارج مصر أيا” كانت درجة هذه الشهرة بل يجب أيضا “أن تكون مشهورة داخل مصر. أما المشرع العراقي فقد اشترط أن تكون العلامة مشهورة ولم يحدد مكان شهرة العلامة، ونحن نعتقد إن المشرع قصد شهرة العلامة داخل العراق حتى تتمتع بالحماية ولو كان يقصد خلاف ذلك لنص عليه صراحة “،وان شهرة العلامة داخل الدولة المطلوب منها الحماية يعد شرطا” منطقيا” لأنه لا يتصور أن نطلب من دولة حماية علامة غير معروفة لديها لأن استعمالها من قبل الغير لا يؤدي إلى اللبس أو الخلط لدى المستهلكين حول مصدر المنتجات التي تحمل العلامة لعدم معرفتهم أصلا” بالعلامة المدعى بشهرتها، لذا فان العلامة التجارية المشهورة تتمتع بالحماية دون اشتراط التسجيل فالحماية هنا ترتبط بالشهرة، ومع ذلك فان صاحب العلامة المشهورة يتمتع بجميع الحقوق المترتبة على ملكية العلامة المسجلة ولو لم تسجل، منها حق احتكار استغلال  العلامة بواسطة مالكها دون غيره وحقه في تقرير حق انتفاع عليها أو التصرف بها بعوض أو بدون عوض شأنه شأن صاحب العلامة المسجلة .   

فضلا” عن ذلك نجد إن قانون العلامات التجارية العراقي قد أشار إلى إن مسجل العلامات التجارية عليه أن يمتنع من تسجيل علامات مطابقة أو مشابهة لعلامة مشهورة إذا كان التسجيل قدم من غير صاحب العلامة المشهورة وكان يتعلق باستخدام العلامة لتمييز منتجات أو خدمات مماثلة لتلك التي تحمل العلامة المشهورة وذلك في المادة (2/ف8) والتي نصت على انه (لا تسجل علامة لغرض هذا القانون العلامات المطابقة أو المشابهة لعلامة مشهورة…….. إذا كان تسجيل تلك العلامة سيؤدي إلى إحداث إرباك لدى جمهور المستهلكين بالبضاعة التي تميزها العلامة أو البضائع المشابهة). وهذا ما يطابق نص المادة (8/ف12) من قانون العلامات التجارية الأردني، كما أشار إلى ذلك أيضا” قانون الملكية الفكرية المصري في المادة (68/ف2) والتي نصت على انه (ويجب على المصلحة (28) أن ترفض من تلقاء نفسها أي طلب لتسجيل علامة مطابقة لعلامة مشهورة بقصد استخدام العلامة لتمييز منتجات تماثل المنتجات التي تستخدم العلامة المشهورة في تمييزها ما لم يكن الطلب مقدما” من صاحب العلامة المشهورة). 

وكذلك نص المادة (2/ فقرة(ي)) من نظام العلامات التجارية السعودي لسنة 2002 والتي أشارت إلى (منع تسجيل العلامات المطابقة أو المشابهة للعلامات الشائعة الشهرة في المملكة ولو كانت غير مسجلة فيها، على سلع أو خدمات مطابقة أو مشابهة……..). نلاحظ إن المشرع السعودي اعتمد على معيار الشهرة المحلية لتقرير الحماية القانونية للعلامة المشهورة، أي يشترط شهرتها في المملكة السعودية بغض النظر عن شهرتها في الدول الأخرى، وهذا خلاف ما نص عليه المشرع المصري الذي يشترط الشهرة العالمية والمحلية لتقرير الحماية المطلوبة كما لاحظناه سابقا”. كما نجد إن المادة (4/ف10) من قانون العلامات التجارية الإماراتي نصت على انه ( لا يجوز استعمال علامة مشابهة للعلامة التجارية المشهورة التي تجاوز شهرتها حدود البلد الأصلي لأي بلد آخر على سلع أو خدمات مطابقة أو مشابهة إلا إذا قد طلب من مالك العلامة أو بموافقة صريحة منه ). وكذلك المادة (714/ف4) من قانون الملكية الفكرية الفرنسي رقم (597) لسنة 1999 والتي نصت على انه (تتمتع العلامة المشهورة بحماية قانونية في فرنسا ولو لم تكن مسجلة)، إن المشرع الفرنسي لا يشترط لحماية العلامة المشهورة أن تكون مسجلة وإنما يشترط أن تكون مستعملة حتى يمكن الاحتجاج بها.

أما على صعيد الاتفاقيات الدولية، نجد إن اتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية لسنة 1883 بوصفها أول أساس قانوني لحماية العلامة التجارية المشهورة في الدول التي لم تسجل فيها وذلك في مادتها (6/ف2) والتي نصت على ما يلي:(1- تتعهد دول الاتحاد سواء من تلقاء نفسها إذا جاز تشريعها ذلك أو بناء على طلب صاحب الشأن برفض أو إبطال التسجيل وبمنع استعمال العلامة الصناعية أو التجارية التي تشكل نسخا” أو تقليدا” أو ترجمة يكون من شأنها إيجاد لبس بعلامة تجارية ترى السلطة المختصة في الدولة التي تم فيها التسجيل أو الاستعمال إنها مشهورة باعتبارها فعلا” العلامة الخاصة بشخص يتمتع بمزايا هذه الاتفاقية ومستعملة على منتجات مماثلة أو مشابهة، كذلك تسري هذه الاتفاقية إذا كان الجزء الجوهري من العلامة يشكل نسخا” لتلك العلامة المشهورة أو تقليدا” لها من شأنه إيجاد لبس فيها ). نلاحظ إن نص الاتفاقية قد وضع على عاتق كل دولة طرف فيها المبادرة إلى حماية العلامة المشهورة من تلقاء نفسها أو بناء على طلب صاحب الشأن وذلك برفض طلب تسجيل العلامة المعتدية على العلامة المشهورة ابتداء” أو إلغاء تسجيلها إن كانت قد سجلت فيه وبمنع استعمالها إن كانت تستعمل فيه. 

أما اتفاقية تربس (trips) فإنها تتعامل مع العلامة التجارية المشهورة من خلال المادة (16 /ف1) التي نصت على أن ( يتمتع صاحب العلامة التجارية المسجلة بالحق المطلق في منع جميع الأطراف الثالثة التي لم تحصل على موافقة صاحب العلامة من استخدام العلامة ذاتها أو علامة مماثلة في أعمالها التجارية بالنسبة للسلع والخدمات ذاتها أو المماثلة لتلك التي سجلت بشأنها العلامة التجارية ، حيث يمكن أن يسفر ذلك الاستخدام عن احتمال حدوث لبس، ويفترض احتمال حدوث لبس في حالة استخدام علامة تجارية مطابقة بالنسبة لسلع أو خدمات مطابقة. ويحظر أن تضر الحقوق الموصوفة أعلاه بأية حقوق سابقة قائمة حاليا”، أو أن تؤثر في إمكانية منح البلدان الأعضاء حقوقا” في العلامات التجارية على أساس الاستخدام). وكذلك نجد إن التوصية المشتركة المتعلقة بحماية العلامة شائعة الشهرة قد نصت في المادة (4/ف1- أ) على انه (تعتبر العلامة منازعة للعلامة شائعة الشهرة متى كانت العلامة أو جزء أساس منها بمثابة نسخة أو تقليد أو ترجمة أو نقل حرفي للعلامة شائعة الشهرة بما يثير الالتباس إذا كانت العلامة أو جزء أساس منها موضع انتفاع أو تسجيل أو طلب تسجيل فيما يتعلق بسلع أو خدمات مماثلة أو مشابهة للسلع والخدمات التي تنطبق عليها العلامة شائعة الشهرة). 

نستنتج من كل ما تقدم إن الحماية المدنية للعلامة التجارية المشهورة تقوم على أساس الشهرة والسمعة التي وصلت إليها العلامة، لذا فان استعمالها من قبل الغير قد يوحي للمستهلك بوجود صلة تجارية بين بضائع هذا الغير وبضائع مالك العلامة المشهورة، الأمر الذي قد يؤدي إلى منافسة مالك العلامة منافسة غير مشروعة.  وقد كان القضاء الأردني مستقرا” على انه يحق لصاحب العلامة المسجلة في الخارج ومستعملة في الأردن ومعروفة فيه أن يعترض على تسجيل أي علامة مطابقة لعلامته في الأردن إذا كان من شأنه أن يؤدي إلى غش الجمهور أو يشجع المنافسة غير المشروعة، وانه لا يشترط الاعتراض على العلامة تسجلها في الأردن. وقد أكدت ذلك محكمة العدل العليا في حكم لها في قضية بين شركة حلواني الصناعية وشركة (والت دزني كومباي) بشأن قيام الشركة حلواني بتقديم طلب لتسجيل علامة (dumbo) كعلامة تجارية لها، إلا إن مسجل العلامات التجارية رفض تسجيلها كون العلامة المطلوب تسجيلها هي علامة ذات شهرة عالمية وتعود ملكيتها لشركة (والت دزني كومباي ) ولما طعن وكيل شركة حلواني بقرار المسجل لدى محكمة العدل العليا،  والتي جاء قرارها برد الطعن وأكدت قرار المسجل . لذلك يكون لصاحب العلامة المشهورة الحق في شطب تسجيل علامة مشابهة لعلامته إذا سجلت من قبل الغير وكان التسجيل عن منتجات مطابقة أو مشابهة للمنتجات التي تميزها علامته. وقد وضعت بعض الاتفاقيات مدة محددة لشطب تسجيل العلامة وهي مدة لا تقل عن خمس سنوات تبدأ من تاريخ تسجيل الغير إذا كان حسن النية، أما إذا كان سيئ النية فلا تسري هذه المدة وإنما تكون المدة غير محددة (33). وهذا ما نصت عليه اتفاقية باريس في مادتها (6/ف2- 2و3) على انه (يجب منح مهلة لا تقل عن خمس سنوات من تاريخ التسجيل للمطالبة بشطب مثل هذه العلامة ويجوز لدول الاتحاد أن تحدد مهلة يجب المطالبة بمنع استعمالها خلالها. ولا يجوز تحديد أية مهلة للمطالبة بشطب أو منع استعمال العلامة التي سجلت أو استعملت بسوء نية). كما أشارت إلى ذلك أيضا” التوصية المشتركة في المادة (4/ف3و5)، وكذلك قانون الملكية الفكرية الفرنسي في المادة (714/ ف4) (34). 

وان العلة من حظر استعمال العلامة المشهورة من قبل الغير هو حماية مالك العلامة من تقليدها ومنع حدوث اللبس لدى جمهور المستهلكين الذي يؤدي إلى اعتقادهم بان مصدر السلعة التي يرغبونها هو مالك العلامة الأصلية والتي ربما تكون رديئة الجودة والنوعية مما تسبب الضرر لصاحب العلامة الأصلية (35) سواء أكانت في مجال السلع أم الخدمات ومن أمثلتها علامة (كرافت) الأسترالية لمنتجات الألبان، وعلامة (Hilton) للخدمات الفندقية، وغيرها من العلامات الأخرى التي تتمتع بحماية قانونية. 

 وأخيراً نود أن نبين بأن الحماية المدنية للعلامة المشهورة تتم عن طريق دعوى المنافسة غير المشروعة التي تعتبر تطبيقاً للقواعد العامة والمتمثلة بالمسؤولية التقصيرية التي أساسها الفعل الضار، وهذا ما نصت عليه المادة (204) من القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951والتي تقضي بأن (كل تعد يصيب الغير بأي ضرر…….. يستوجب التعويض) وكذلك المادة (163) من القانون المدني المصري رقم 131 لسنة 1948 والتي نصت على انه (كل خطأ سبب ضررا” للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض). 

  أي إن صاحب العلامة المشهورة من حقه أن يرفع هذه الدعوى أمام السلطات المختصة (المحاكم المدنية) عند توافر شروطها والمتمثلة بالخطأ والضرر والعلاقة السببية بينهما. ويتحقق الخطأ هنا عند الاعتداء على العلامة المشهورة من قبل الغير بأي صورة من صور الاعتداء كما في حالة تقليدها أو تزويرها أو استعمالها بسوء نية على منتجات أو خدمات مماثلة، ولا تمييز هنا بين الضرر المادي أو المعنوي فكلاهما يستوجب التعويض ويجب أن يكون هذا الضرر الذي أصاب صاحب العلامة هو نتيجة لفعل المعتدي وبسببه، فإذا توافرت هذه الشروط في الدعوى كان على المحكمة اتخاذ كافة الإجراءات القانونية لمنع المعتدي من الاستمرار في اعتداءه على العلامة وإزالة الضرر وأن تحكم بالتعويض المتناسب مع الضرر الحاصل سواء أكانت العلامة المشهورة مسجلة أم غير مسجلة، وهذا ما أشارت إليه المادة (66) من قانون التجارة المصري رقم (17) لسنة 1999 والتي نصت على انه (1- يعتبر منافسة غير مشروعة كل فعل يخالف العادات والأصول المرعية في المعاملات التجارية، ويدخل في ذلك على وجه الخصوص الاعتداء على علامات الغير………..

2- كل منافسة غير مشروعة تلزم فاعلها بتعويض الضرر الناجم عنها. وللمحكمة أن تقضي فعلا” عن التعويض بإزالة الضرر وبنشر الحكم على نفقة المحكوم عليه في إحدى الصحف اليومية).

وان هذه الدعوى قد ترفع من قبل كل شخص أصابه الضرر من جراء استعمال العلامة المشهورة من قبل الغير على سلع مشابهة أو غير مشابهة، وإذا تعدد المتضررين كان لكل منهم إقامة الدعوى في مستقلا” عن الآخرين بشرط إثبات الضرر في حقه، ويكون إقامة الدعوى في مواجهة المعتدي على العلامة وكل من اشترك معه في فعل التعدي بشرط أن يثبت علمه بعدم شرعية العمل أو كان بإمكانه العلم بذلك كصاحب المطبعة الذي يقوم بطبع بطاقات تحمل علامة تجارية مقلدة (36).  

الحماية المدنية بالنسبة للمنتجات غير المماثلة

إن استعمال العلامة التجارية المشهورة على منتجات أو خدمات غير مماثلة للمنتجات أو الخدمات الأساسية المرتبطة بها من شأنه أن يخلق لبس لدى المستهلكين بين هذه المنتجات غير المماثلة وبين صاحب العلامة المشهورة ويعتقدون إنها صادرة منه، سيما وان العلامة المشهورة اكتسبت سمعة جيدة لجودة المنتجات المرتبطة بها، لذا فان استعمالها من قبل الغير على سلع أو خدمات غير مماثلة ومن نوعية رديئة من شأنه الإساءة إلى سمعتها وبالتالي يؤدي إلى إضعاف قدرتها على التميز، هذا كله أدى إلى ظهور الحاجة إلى حماية العلامة التجارية المشهورة عند استعمالها على منتجات أو خدمات غير مماثلة. ومن أمثلة ذلك استخدام العلامة التجارية المشهورة (مرسيدس) والخاصة بتمييز نوع من السيارات الألمانية لتمييز نوع من الدراجات البخارية أو سفن بحرية أو استخدام علامة (كوكا كولا) لتمييز نوع من المبيدات. لذلك لا يجوز استخدام علامة تجارية مشهورة عالميا” على منتجات تختلف من تلك التي تميزها، لأن المستهلكين سيعتقدون ان هذه المنتجات يتم إنتاجها وتسويقها بواسطة مالك العلامة المشهورة أي انه قد وسع نشاطه ليشمل هذه الأنواع الجديدة، وهذا ما يضر بمالك العلامة المشهورة من ناحية وبالمستهلكين من ناحية أخرى الأمر الذي يستدعي حمايتها في هذه الحالات. وتطبيقا” لذلك نجد إن المادة (5/ف8) من قانون العلامات التجارية العراقي المعدل بقانون رقم (80) لسنة 2004 تنص على انه (لا تسجل علامة لغرض هذا القانون العلامات المطابقة أو المشابهة لعلامة مشهورة……….. إذا كان تسجيل تلك العلامة سيؤدي إلى إحداث إرباك لدى جمهور المستهلكين بالبضاعة التي تميزها العلامة…….) وكذلك المادة (68/ف3) من قانون الملكية الفكرية المصري على انه (يسري الحكم المتقدم على طلبات التسجيل التي تنصب على منتجات لا تماثل المنتجات التي تستخدم العلامة المشهورة في تمييزها إذا كانت العلامة المشهورة مسجلة في إحدى الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية وفي جمهورية مصر العربية وكان استخدام العلامة على منتجات غير مماثلة من شأنه أن يحمل الغير على الاعتقاد بوجود صلة بين صاحب العلامة المشهورة وتلك المنتجات وان يؤدي هذا الاستخدام إلى إلحاق ضرر بصاحب العلامة المشهورة).  يتضح لنا من نص هذه المادة إن على مصلحة التسجيل التجاري أن تمتنع عن قبول طلب تسجيل علامة مشابهة لعلامة مشهورة إذا تعلق طلب التسجيل بمنتجات أو خدمات غير مماثلة لتلك التي تميزها العلامة المشهورة، ولكن توفير الحماية للعلامة المشهورة في هذه الحالة يشترط فيه ثلاثة شروط طبقا” لنص المادة وهي: 1- أن تكون العلامة المشهورة مسجلة في إحدى الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية ومسجلة أيضا” في جمهورية مصر العربية. 2- أن يؤدي استخدام العلامة المشهورة على سلع أو خدمات غير مماثلة إلى اعتقاد الغير (المستهلك) بوجود صلة بين صاحب العلامة المشهورة وبين تلك السلع أو الخدمات غير المماثلة.  3- أن يكون استخدام الغير للعلامة المشهورة على سلع غير مماثلة من شأنه إلحاق الضرر بصاحب العلامة المشهورة. 

وبذلك نلاحظ إن المشرع المصري قد تشدد في فرض الحماية على العلامة المشهورة في هذه الحالة، لأن الحماية هنا فرضت كاستثناء من القواعد العامة المطبقة على العلامات التجارية. وكذلك الحال نجد إن القانون الاتحادي لدولة الإمارات قد نص في المادة (4/ف3) على انه (لا يجوز تسجيل العلامة ذات الشهرة لتمييز سلع أو خدمات غير مماثلة أو مطابقة لتلك التي تميزها هذه العلامة إذا: 1- دل استخدام العلامة على صلة بين السلع والخدمات المطلوب تمييزها وسلع وخدمات صاحب العلامة الأصلية. 2- أدى استخدام العلامة احتمال الإضرار بمصالح صاحب العلامة الأصلية). كما نص على ذلك أيضا” قانون العلامات التجارية السعودي من خلال نص المادة (2/ فقرة ي) والتي نصت على انه (لا تسجل العلامات المطابقة أو المشابهة للعلامات شائعة الشهرة في المملكة والمسجلة فيها على سلع أو خدمات ليست مطابقة أو مشابهة شريطة أن يلحق ذلك الانتفاع الضرر بصاحب العلامة شائعة الشهرة). نلاحظ إن المشرع السعودي أشترط لكي تتمتع العلامة المشهورة بالحماية أن تكون مسجلة في المملكة السعودي وان يلحق استخدامها الضرر بمصالح صاحبها. وكذلك نص المادة (8/ف12) من قانون العلامات التجارية الأردني. والمادة (713/ف5) من قانون الملكية الفكرية الفرنسي والتي نصت على إن (استعمال العلامة المشهورة لتمييز منتجات أو خدمات غير مماثلة لتلك المذكورة السجل يترتب عليه المسؤولية المدنية للمستعمل إذا كان من شأن هذا الاستعمال أن يلحق الضرر بمالك العلامة أو إذا كان هذا الاستعمال يمثل استغلالا” بدون مبرر لهذه الأخيرة).   

أما بالنسبة للاتفاقيات الدولية فنجد إن اتفاقية تربس (trips) قد نصت في المادة (16/ف3) على انه (تطبق أحكام المادة (6) مكررة من معاهدة باريس لسنة (1967) مع ما يلزم من تبديل على السلع والخدمات غير المماثلة لتلك التي سجلت بشأنها علامة تجارية شريطة أن يدل استخدام تلك العلامة التجارية بالنسبة لتلك السلع او الخدمات على صلة بين تلك السلع أو الخدمات وصاحب العلامة التجارية المسجلة وشريطة احتمال أن تتضرر مصالح صاحب العلامة التجارية المسجلة من جراء ذلك الاستخدام). يتضح لنا من ذلك إن اتفاقية تربس قد توسعت في نطاق حماية العلامة المشهورة، فحظرت استخدامها من غير مالكها إذا كانت مسجلة على سلع وخدمات غير مماثلة لتلك لتي تميزها، بينما نجد إن اتفاقية باريس تقتصر فيها الحماية على حالة استخدامها على سلع مماثلة أو مشابهة فقط طبقا” لنص المادة(6/ف2) منها. وبذلك أصبح نطاق حماية العلامة المشهورة وفقا” لاتفاقية تربس ينصرف إلى حالة استخدامها على سلع مماثلة وغير مماثلة، ولكن الحماية في الحالة الأخيرة مشروطة بشروط: وهي إن تكون العلامة المشهورة مسجلة، وان يؤدي استخدام العلامة المشهورة على سلع غير مماثلة إلى الاعتقاد بوجود صلة بينهما وبين صاحب العلامة المشهورة، وان يؤدي الاستخدام إلى احتمال المساس بمصالح صاحب العلامة المشهورة وتعرضه للضرر.                               

كما أشارت إلى ذلك التوصية المشتركة في المادة (4/ فقرة ب) والتي نصت على إن (……… تلك العلامة تعتبر منازعة لعلامة شائعة الشهرة متى كانت العلامة أو جزء أساسي منها نسخة أو تقليد أو ترجمة أو نقلا” حرفيا” للعلامة شائعة الشهرة وكان أحد الشروط التالية على الأقل مستوفي: 1- من شأن الانتفاع بتلك العلامة أن يبين وجود علاقة بين السلع والخدمات التي يشملها الانتفاع بالعلامة أو تكون موضع تسجيل أو طلب تسجيل ومالك العلامة شائعة الشهرة ومن المرجح أن يضر بمصالحه. 2- ومن المرجح أن ينال الانتفاع بتلك العلامة من الصفة المميزة للعلامة شائعة الشهرة أو يضعفها بشكل غير مشروع. 3- ومن شأن الانتفاع بتلك العلامة أن يؤدي إلى الاستفادة بطريقة غير مشروعة من الصفة المميزة للعلامة شائعة الشهرة).  يتضح لنا من كل ما تقدم إن الهدف من إضفاء الحماية المدنية على العلامة المشهورة عند استخدامها على منتجات غير مماثلة هو حماية المستهلكين من الوقوع في اللبس حول مصدر المنتجات أو المشروع الذي أنتجها، فضلا” عن حماية صاحب العلامة من الأضرار التي تلحق به من جراء استخدام العلامة من الغير على سلع غير مماثلة. وهذا الضرر يجب تفسيره بمفهوم واسع بحيث يشمل الضرر المادي كتخفيض حجم أعمال المشروع، والضرر المعنوي كإضعاف قوة جذب المستهلكين التي تتمتع بها العلامة المشهورة نتيجة إشاعة استعمالها على أكثر من منتج أو تميز أكثر من نشاط مما قد يفقد تميزها وقيمتها التجارية، وبالتالي تفقد ثقة المستهلكين بها. فان من المبادئ المقررة في قانون العلامات التجارية أن العلامة التي يتم استخدامها بكثرة من قبل مشروعات اقتصادية تفقد قدرتها على أداء وظيفتها كعلامة والتي هي الإشارة إلى مصدر المنتجات. مثال ذلك: العلامة (similes) قد تم استخدامها من قبل مشاريع عديدة لتمييز منتجات مختلفة ولفترة طويلة في اليابان لدرجة إن الجمهور لم يعد يربط هذه العلامة بمنتجات مشروع معين، ولهذا فقدت هذه العلامة قدرتها على أداء وظيفتها كعلامة تجارية. وان الواقع العملي يشير إلى كثرة محاولات التقليد للعلامات التجارية المشهورة، فعلى سبيل المثال: استخدام شعار (قناة الجزيرة) دون وجه حق على بعض واجهات مقاهي الانترنت وصالونات الحلاقة في بعض المدن العربية مما دفع القناة إلى التنويه مرارا” وتكرارا” بان شعارها هو علامة تجارية مسجلة والتحذير من إن تقليدها أو الاستيلاء عليها يعد انتهاكا” لحقوق الملكية الفكرية. لذلك فان توسيع نطاق الحماية المقررة للعلامة المشهورة لتشمل استعمالها على سلع أو خدمات غير مماثلة يعد من أهم عوامل جذب الاستثمارات الأجنبية، فمتى ما اطمئن أصحاب رؤوس الأموال للحماية التي توفرها التشريعات الوطنية لدولة ما كلما توسعت وزادت أنشطتهم واستثماراتهم في تلك الدولة.            

الحماية الجنائية للعلامة التجارية المشهورة

إن العلامة التجارية هي وسيلة لتمييز المنتجات بعضها عن بعض الآخر فان الاعتداء عليها بتقليدها أو استعمالها من قبل الغير يعد ضارا” لكل من المنتج والمستهلك والدولة ككل، فهو يسئ للمنتج من خلال خسارته في تسويق منتجاته ووجود مزاحمين له من التجار في تجارته، كما انه يسئ للمستهلك لأن التقليد غير القانوني للبضائع سوف يقلل من جودة المنتج الأصلي ويجعل المستهلك يحصل على منتج من نوعية رديئة وهذا ما يجعله كفريسة للتضليل والخداع، وانه يسئ للدولة لأنه يؤدي إلى إضعاف الاستثمار الوطني والأجنبي في الدولة. لذلك فان العلامة التجارية المشهورة تتمتع بحماية جنائية، حيث يحق لصاحب العلامة التجارية المشهورة رفع دعوى المسؤولية عند الاعتداء عليها بإحدى صور الاعتداء. وهذا ما نصت علية المادة (35) من قانون العلامات التجارية العراقي المعدل بقانون رقم (80) لسنة 2004 على انه (يعاقب كل شخص يرتكب أي فعل من الأفعال الآتية بالحبس لمدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن (50,000,000) خمسين مليون دينار عراقي ولا تزيد على (1000,000,000) مليار دينار عراقي 

  1. كل من زور علامة تجارية مسجلة بصورة قانونية أو قلدها بطريقة يراد خداع الجمهور أو استعمل بسوء نية علامة تجارية مزورة أو مقلدة.
  2. كل من استعمل بطريقة غير قانونية علامة تجارية مسجلة مملوكة لجهة أخرى.  3- كل من وضع بسوء نية علامة تجارية مسجلة مملوكة لجهة أخرى على منتجاته………..). 

ونستنتج من ذلك إن العلامة التجارية حتى تتمتع بالحماية الجنائية المقررة يجب أن تكون مسجلة في الدولة المطلوب منها الحماية سواء أكانت العلامة مشهورة أم غير مشهورة. 

كما أشارت إليه المادة (113) من قانون الملكية الفكرية المصري والتي نصت على انه (مع عدم الإخلال بأية عقوبة اشد في أي قانون آخر، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن شهرين وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تجاوز عشرين ألف جنية أو بإحدى هاتين العقوبتين: 1- كل من زور علامة تجارية تم تسجيلها طبقا” للقانون أو قلدها بطريقة تدعو إلى تضليل الجمهور…….. 

  1. كل من وضع بسوء قصد على منتجاته علامة تجارية مملوكة لغيره….) 

وكذلك المادة (37) من قانون العلامات التجارية الأردني قد نصت على ان (يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تتجاوز سنة واحدة أ بغرامة لا تقل عن مائة دينار ولا تتجاوز ثلاثة آلاف دينار أو بكلتا هاتين العقوبتين كل من ارتكب بقصد الغش فعلا” من الأفعال التالية:  

  1. زور علامة مسجلة وفقا” لأحكام هذا القانون أو قلدها بطريقة تؤدي الى

 تضليل الجمهور أو وسَم داخل المملكة علامة تجارية مزورة أو مقلدة على ذات الصنف من البضائع التي سجلت العلامة التجارية من أجلها.  

  1.  أستعمل دون وجه حق علامة تجارية يملكها الغير على الصنف ذاته من البضاعة التي سجلت العلامة التجارية من أجلها………). 

كما نصت على الحماية الجنائية اتفاقية تربس (trips) في المادة (61) على ان (تلتزم البلدان الأعضاء بفرض تطبيق الإجراءات والعقوبات الجنائية على الأقل في حالات التقليد المتعمد للعلامات التجارية المسجلة……… وتشمل الجزاءات التي يمكن فرضها الحبس و/ أو الغرامات المالية بما يكفي لتوفير رادع يتناسب مع مستوى العقوبات المطبقة فينا يتعلق بالجرائم ذات الخطورة المماثلة، وفي الحالات الملائمة تشمل الجزاءات التي يمكن فرضها أيضا” حجز السلع المخالفة أو أية مواد ومعدات تستخدم بصورة رئيسية في ارتكاب الجرم ومصادرتها وإتلافها ويجوز للبلدان الأعضاء فرض تطبيق الإجراءات والعقوبات الجنائية في حالات أخرى من حالات التعدي على حقوق الملكية الفكرية، لاسيما حين تتم التعديات عن عمد وعلى نطاق تجاري).   

ونود أن نبين بأن النصوص السابقة جاءت مطلقة بصدد العلامة التجارية، وهذا يعني إنها تطبق على كل علامة تجارية سواء أكانت مشهورة أم غير مشهورة. كما يتضح لنا بأن النصوص السابقة قد حرصت على تأكيد الحماية الجنائية للعلامة التجارية عن طريق تطبيق العقوبات التي وردت في نصوص المواد المشار إليها. أي يجب تجريم تزوير العلامة التجارية أو تقليدها أو اغتصابها أو استعمالها من قبل الغير وتقرير عقوبات مالية وجسدية بحق من يرتكب تلك الجرائم. ويقصد بالتزوير: النقل الحرفي للعلامة بما يجعلها صورة مطابقة للعلامة الحقيقية دون تعديل أو إضافة.  أما التقليد: فهو صنع علامة مشابهة في مجموعها للعلامة الحقيقية و يوجد خلاف بينهما إلا انه يوقع المستهلك المتوسط في الخلط واللبس فيضيف أو يزيل أجزاء منها أو يغير في لونها أو حرفها ليوهم الغير بإدخال بعض التعديلات على العلامة الحقيقية ، مثال ذلك: جريمة تقليد العلامة لوجود تشابه في الكتابة والنطق بين العلامتين (نيدو- وميدو )في منتجات الألبان ، وكذلك عبارة (أومي – وأومو) في منتجات الصابون فالمظهر العام المميز لكل منهما يتشابه ويخدع المستهلك العادي ويوقعه في الخلط واللبس. كما يفهم من عبارات النصوص إنها اشترطت تسجيل العلامة التجارية حتى يستطيع مالكها التمسك بالنص وتوقيع الجزاء الجنائي، أي إن مجرد الشهرة لا تكفي لتقرير الحماية الجنائية على العلامة، فان عدم التسجيل لا يجيز رفع الدعوى الجنائية ولكنه لا يمنع من رفع الدعوى المدنية والمطالبة بالتعويض عن ذلك، فما دامت العلامة التجارية المشهورة مسجلة فإنها تتمتع بالحماية الجنائية من الاعتداء عليها وبخلاف ذلك فإنها تتمتع بالحماية المدنية فقط. والسبب في ذلك هو لأن الحماية المقررة للعلامة التجارية المشهورة في الدول غير المسجلة فيها هي استثناء من مبدأ الإقليمية وهذا الاستثناء يطبق على الحماية المدنية فقط دون الجنائية.  فضلا” عن ذلك فان العلامة التجارية المشهورة حتى تتمتع بالحماية الجنائية وتوقيع العقوبة المنصوص عليها في المواد السابقة يجب أن تستعمل على منتجات مطابقة أو مشابهة للمنتجات التي تميزها، أما إذا استخدمت على منتجات غير مطابقة أو مشابهة لا تعتبر من قبيل الجرائم المتعلقة بالعلامة التجارية لأن حماية العلامة المشهورة عند استعمالها على منتجات غير مماثلة هو استثناء من مبدأ التخصص، والحماية بهذا الاستثناء تقتصر على الحماية المدنية دون الجنائية 

وخلاصة القول إن العلامة التجارية المشهورة تتمتع بالحماية الجنائية عند توافر شرطان هما: تسجيل العلامة في الدولة المطلوب منها الحماية، واستعمالها على سلع أو خدمات مماثلة لتلك التي تميزها، وبخلاف ذلك أي عند عدم تسجيلها أو عند استعمالها على سلع أو خدمات غير مماثلة فإنها تتمتع بالحماية المدنية دون الجنائية. وان الدعوى الجنائية لا ترفع إلا من قبل مالك العلامة أو الخلف كالوريث أو المشتري أو المتنازل إليه، بشرط اتخاذ إجراءات شهر نقل الملكية للاحتجاج بهذا التصرف في مواجهة الغير حتى يدفع أمام المحكمة برفض الدعوى تأسيسا” على كونها غير مسجلة. حتى وان صدر حكم ببراءة مستعمل العلامة فان هذا لا يمنع من الحكم بالتعويض على أساس الفعل الضار المتمثل بالمنافسة غير المشروعة. والجريمة هنا هي من نوع الجنحة في تقليد واغتصاب علامة مملوكة للغير، مثال ذلك: استعمال عبوة تحمل العلامة الأصلية ووضع منتج غير أصلي بها. وان هذه الجريمة ركنها المادي: هو استعمال علامة مسجلة مملوكة للغير عن طريق قيام الجاني بوضعها على منتجات مشابهة. ويكون الغرض من ذلك هو الاستفادة من شهرتها وتضليل الجمهور، وتنتفي الجريمة إذا كان الاستعمال للمصلحة الشخصية الخاصة بالجاني. أما الركن المعنوي: هو القصد الجنائي العام المتمثل العلم والإرادة، أما القصد الخاص فيتمثل يسوء النية وينتفي هذا القصد بإثبات حسن النية أي عدم علم الجاني بملكية العلامة للغير وبالتالي ينتفي العقاب على الفعل الجرمي، وحسن النية هنا مفترض ومن يدعي عكس ذلك فعليه إثبات سوء قصد مستعمل العلامة. ومثال ذلك استعمال زجاجات فارغة تحمل علامة (كوكا كولا) وتعبئتها بمياه غازية أيا” كانت نوعها ولونها وعرضها للبيع في الأسواق مع علمه بملكيتها لشخص آخر الذي له وحده حق استعمالها. فهنا يعد الجاني مرتكب جريمة استعمال علامة تجارية مملوكة للغير ومستحق للعقاب المنصوص عليه. 

أما في حالة العود وارتكاب الجريمة مرة أخرى فهنا تصبح العقوبة مشددة، وهذا ما نصت عليه المادة (36) من قانون العلامات التجارية العراقي على انه ( يعاقب من ارتكب للمرة الثانية أحدى الجرائم المذكورة في المادة (35) من هذا القانون بالحبس لمدة لا تقل عن خمس سنوات ولا تزيد على عشر سنوات وبغرامة لا تقل عن (100,000,000) مائة مليون دينار عراقي ولا تزيد عن (200,000,000) مائتان مليون دينار عراقي، إضافة إلى غلق المحل أو المشروع لمدة لا تقل عن (15) يوم ولا تتجاوز ستة أشهر علاوة على نشر الحكم على نفقة المعتدي ). فالمشرع العراقي قد أشار إلى انه في حالة العود وارتكاب الجريمة ثانية تفرض عقوبة أشد من ارتكابها للمرة الأولى وتشمل العقوبة الحبس والغرامة فضلا” عن العقوبة التكميلية المتمثلة بغلق المحل أو المشروع ونشر الحكم الذي تصدره المحكمة على نفقة المحكوم عليه.  أما قانون الملكية الفكرية المصري فقد أشار الى عقوبة العود في المادة (113) والتي نصت على انه ( في حالة العود تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن شهرين والغرامة التي لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تتجاوز خمسين ألف جنيه، وفي جميع الأحوال تقضي المحكمة بمصادرة المنتجات محل الجريمة أو المبالغ أو الأشياء المتحصلة منها وكذلك الأدوات التي استخدمت في ارتكابها، ويجوز للمحكمة عند الحكم بالإدانة أن تقضي بغلق المنشأة التي أستغلها المحكوم عليه في ارتكاب الجريمة مدة لا تزيد على ستة أشهر ويكون الغلق وجوبيا” في حالة العود ).  يتضح لنا من نص المادة إن عقوبة العود تشمل الحبس الوجوبي والغرامة إلى جانب العقوبات التكميلية وهي مصادرة المنتجات محل الجريمة والمبالغ والأدوات المستخدمة في ارتكابها ((كما نصت على ذلك أيضا” اتفاقية باريس في المواد (9و10)) وغلق المنشأ في حالة الحكم بالإدانة جوازي أما في حالة العود فيكون الغلق وجوبي. 

نستنتج من ذلك إن هذه العقوبات وردت لردع كل من يستعمل علامة تجارية مملوكة لغيره بغية الاستفادة من شهرتها واستغلال جهود غيره، لذلك يجب أن تكون العقوبة صارمة وشديدة حتى تحول دون ذلك الاستعمال. أما في حالة العود نرى أن تكون العقوبة أشد كأن تتمثل بزوال الصفة التجارية عن التاجر، لأن من يرتكب هذه الجريمة مرة أخرى يعنى إن له إصرار على ارتكاب الفعل الذي جرمه القانون وان العقوبة السابقة لم تكن رادعة له.