ماجد الربيعي
حق ضحايا الاتجار بالبشر في الحصول على تعويض… وفق لأحكام بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص وخاصة النساء والأطفال المكمل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية
تنص الفقرة (6) من المادة (6) من بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص وخاصة النساء والأطفال على أن ” تكفل كل دولة طرف احتواء نظامها القانوني الداخلي على تدابير تتيح لضحايا الاتجار بالأشخاص إمكانية الحصول على تعويض عن الأضرار التي تكون قد لحقت بهم” ويعني هذا انه عندما لا توجد إمكانية للحصول على تعويض بموجب القانون الوطني يلزم البروتوكول الدول
الأطراف لوضع تشريعات تبيح للضحايا الحصول على تعويض. ويقتضي الحكم المقابل لذلك في اتفاقية الجريمة المنظمة الوارد في الفقرة (2 من المادة 25) على أن “تضع كل دولة طرف قواعد إجرائية ملائمة توفر لضحايا الجرائم المشمولة بهذه الاتفاقية سبل الحصول على التعويض وجبر الأضرار”. وتوفر المادة (14) من اتفاقية الجريمة المنظمة أساسا قانونياً للدول الأطراف للتعاون على الصعيد الدولي في المسائل المتعلقة بالتعويض، كما تلزم المادة نفسها من الاتفاقية الدول الأطراف بان تنظر على سبيل الأولوية وبالقدر الذي يسمح به قانونها الداخلي في رد عائدات الجرائم المصادرة أو الممتلكات المصادرة إلى الدولة الطرف الطالبة، لكي يتسنى لها تقديم تعويضات إلى الضحايا ولا يحدد البروتوكول أي مصدر محتمل معين للتعويض وبالتالي، غالباً ما تفي أي من الخيارات العامة التالية أو جميعها بمقتضى البروتوكول.
1- الأحكام التي تمكن الضحايا من إقامة دعوى على الجناة أمام المحاكم المدنية للحصول على تعويضات مدنية عن الأضرار. ففي معظم البلدان يستطيع الضحايا أن يقيموا دعوى مدنية للمطالبة بتعويض على أساس فعل آثم سبب خسارة بموجب قانون الضرر أو بموجب حقوق تعاقدية، كما يجب ملاحظة إن ضحايا الاتجار قد تكون لهم حقوق بموجب قانون العمل بصرف النظر عن وجود أي شكل من التعاقد. ورغم إن إجراءات القانون المدني قد تبدو أسهل منالاً لضحايا الاتجار من الإجراءات الجنائية إلا أنها تقتضي التعرف على هوية الجاني ويجب أن يوجد الجاني ضمن الاختصاص القضائي المعني. وقد نصت بعض القوانين الخاصة بمكافحة الاتجار بالبشر على حق الضحايا في التعويض ومنها قانون إعادة التكييف بالصلاحيات الخاصة بحماية ضحايا الاتجار في الولايات المتحدة لعام (2003) البند (107) ” يجوز لأي فرد يقع ضحية الاتجار بالأشخاص أن يرفع دعوى مدنية على مقترف هذا الجرم إلى محكمة محلية مختصة في الولايات المتحدة ويجوز له أن يحصل على تعويض عما لحق به من أضرار وكذلك على مبلغ معقول لدفع أتعاب المحامي” كما إن بعض الدول قد نصت في قوانينها العامة على هذا التطبيق ومن هذه القوانين القانون المدني العراقي رقم (40 لسنة 1951 المعدل) فقد نصت المادة(202) منه على (كل فعل ضار بالنفس من قتل أو جرح أو ضرب أو أي نوع آخر من أنواع الإيذاء يلزم بالتعويضات من احدث الضرر) كما نصت المادة(205/1) من نفس القانون على” يتناول حق التعويض الضرر الأدبي كذلك فكل تعدٍ على الغير في حريته أو في عرضه أو شرفه أو سمعته أو في مركزه الاجتماعي أو في اعتباره المالي يجعل المعتدي مسؤولاً عن التعويض).
2- الأحكام التي تمكن المحاكم الجنائية من الأمر بدفع التعويضات الجنائية ( أي الأمر بان يدفع الجناة تعويضات إلى الضحايا) أو من فرض أوامر بشأن التعويض أو جبر الضرر على الأشخاص المدانين بارتكاب جريمة ، فقد تربط قوانين بعض الدول دعاوى التعويض المدني بإقامة دعوى جنائية على الجاني ويعني ذلك إن المحكمة الواحدة تعاقب الجاني وتعوض الضحية في آنٍ واحد فتقلل بذلك من إجهاد الضحايا ، وفي قوانين بعض الدول يمكن إصدار أمر من المحكمة بان يدفع التعويض من مبلغ الغرامة المفروض على الجاني , ومنها الجمهورية الدومنيكية فقد نص قانونها رقم (3-137) بشان تهريب المهاجرين المخالف للقانون والاتجار بالأشخاص في المادة 11 على انه ” تستخدم العائدات المتأتية من الغرامات على جرائم الاتجار بالبشر لأجل التعويض على ضحايا الاتجار عن الأضرار المادية وكذلك الأضرار المعنوية ولأجل إنشاء برامج ومشاريع الحماية والمساعدة التي ينص القانون على توفيرها لصالح ضحايا الاتجار).
3- الأحكام التي تنشئ صناديق أو نظم مخصصة يستطيع الضحايا اللجوء إليها للمطالبة بالحصول على تعويضات تدفع من الدولة أو أن تدفع عن طريقها، وقد أنشأت بعض البلدان نظماً تديرها الدولة من اجل ضحايا الجرائم العنيفة ونظم التعويض التي تمولها الدولة أو تدعمها، لها ميزة كبيرة وهي إنها تضمن دفع التعويض للضحية مع عدم ضرورة تحديد مكان وجود جانٍ معين أو التعرف على هويته فعادةٍ ما يكفي تقرير من الشرطة ورغبة من جانب الضحية في معاونة الشرطة في تحقيقاتها، كما إن النظم الحكومية قد تكون مبسطة وغير بيروقراطية نسبياً وأكثر سرعة من الدعاوى المدنية.
ويمكن تمويل نظم التعويض من عدة مصادر، من بينها الغرامات وممتلكات الجناة المصادرة والإيرادات الضريبية ووسائل التمويل الحكومي وهبات من أشخاص عاديين ومن مؤسسات، ومن
أمثلة هذه الأحكام ما نص عليه قانون مكافحة الاتجار بالبشر في جورجيا لعام 2003 في المادة(9) منه على أنه ” ينشأ صندوق يعتبر كيان بمقتضى القانون العمومي يسمى صندوق الدولة لتوفير الحماية والمساعدة لضحايا الاتجار بالبشر لغرض تنفيذ تدابير الحماية المساعدة وإعادة التأهيل لصالح ضحايا الاتجار بالبشر…) الغرض من الصندوق صرف التعويضات لصالح ضحايا الاتجار بالبشر بموجب القوانين التشريعية وكذلك تمويل تنفيذ تدابير حمايتهم وتقديم المساعدة إليهم وإعادة تأهيلهم “. كذلك ما نص عليه القانون المصري رقم 64 لسنة 2010 بشأن مكافحة الاتجار بالبشر في المادة (27) منه على أنه “ينشأ صندوق لمساعدة ضحايا الاتجار بالبشر تكون له الشخصية
الاعتبارية العامة، يتبع رئيس مجلس الوزراء، ويتولى تقديم المساعدات المالية للمجنى عليهم مما لحقت بهم أضرار ناجمة عن أي من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون ويصدر بتنظيمه وبتحديد اختصاصاته الأخرى وموارد ومصادرة تمويله قرار من رئيس الجمهورية وتؤول حصيلة الغرامات المقضي بها من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون والأحوال والأدوات ووسائل النقل التي يحكم بمصادرتها إلى الصندوق مباشرة وللصندوق أن يقبل التبرعات أو المنح والهبات من الجهات الوطنية والأجنبية ).
مشاركة هذه المقالة :
Facebook
Twitter
LinkedIn
WhatsApp