اثار منح الفنانة التونسية (زهراء حبيب بن ميم) الجنسية العراقية. حفيظة البعض وتمت المقارنة مع العديد من الفنانين فلسطيني الجنسية الذين مضى على اقامتهم مدة طويلة في جمهورية العراق. نود الإشارة ان هناك فرق بين الجنسية الاصلية والجنسية المكتسبة.
الجنسية الأصيلة: هي التي يكتسبها الشخص منذ ميلاده، ويكتسب الشخص الجنسية منذ ميلاده طبقا لأحد الأساسين، وهما حق الدم وحق الإقليم.
الجنسية المكتسبة: هي التي يكتسبها الفرد لاحقا بعد ولادته وغالباً تعطى بناءً على رابطة الاقليم والجغرافيا.
ان الجنسية التي منحت الى (زهراء حبيب بن ميم) هي جنسية اصلية. وليس مكتسبة كما يتصور البعض وتم منحها على أساس حق الدم. كونها ولدت من أم عراقية استنادا الى نص المادة (3/أ) من قانون الجنسية العراقية رقم (26) لسنة 2006، والتي نصت على (يعتبر عراقياً من ولد لأب عراقي أو لام عراقية). اما ما يتعلق بمنح المواطن الفلسطيني الجنسية العراقية فالأمر يتعلق بالجنسية المكتسبة. ولتوضيح الامر نستطلع النصوص القانونية العراقية الخاصة بالجنسية. عندما كان العراق مرتبطا بالدولة العثمانية كان (قانون الجنسية العثمانية) الصادر في 19/1/1869 مطبقا حيث كان الشخص بموجبه عثــــــــــمانيا من حيث (الجنسية) مسلما أو نصرانيا أو يهوديا من حيث الديانة، وبعد استقلال العراق وتأســـيس المملكة العراقية صــــدر أول قانون للجنســــــية في العـــراق رقم (42) لسنة 1924. والذي نص في المادة الأولى منه على يعتبر عراقي الجنسية كل من حصل على الجنسية بموجب أحكام القانون رقم (42) لسنة 1924 وتعديلاته. (1- من كان عثماني الجنسية وبالغا سن الرشد وساكنا في العراق عادة تزول عنه جنسيته العثمانية ويعتبر عراقي الجنسية ابتداء من اليوم السادس من آب سنة/ 1924 ويعتبر ولده الصغير عراقي الجنسية ايضا تبعا له.) وقد تم الغائه بموجب قانون الجنسية العراقية رقم (43) لسنة 1963. الذي نص في المادة الثانية منه على (يعتبر عراقي الجنسية كل من حصل على الجنسية العراقية بموجب أحكام القانون رقم 42 لسنة 1924 وتعديلاته.) لم تتطرق قوانين الجنسية العراقية أعلاه الى منح الجنسية العراقية للفلسطيني من عدمه على وجه الخصوص، بل تضمنت احكام عامة عن التجنس حتى صدر قانون منح الجنسية العراقية للعرب رقم (5) لسنة 1975 والذي نص في المادة الأولى منه على (يجوز لوزير الداخلية منح الجنسية العراقية لكل عربي يطلبها، إذا كان قد بلغ سن الرشد، وكان حسن السلوك والسمعة، دون التقيد بشروط التجنس الواردة في الفقرة (1) من المادة الثامنة من قانون الجنسية العراقية رقم (43) لسنة 1963 المعدل، ويستثنى من ذلك الفلسطينيون ما لم يصدر قانون او قرار تشريعي خاص بخلاف ذلك.) كذلك نص قانون الجنسية العراقية والمعلومات المدنية رقم (46) لسنة 1990 غير النافذ. في المادة السابعة منه على (للوزير منح الجنسية العراقية للعربي الذي يطلبها إذا كان قد بلغ سن الرشد ويستثنى من ذلك الفلسطينيون حتى تتحرر فلسطين وتتحقق العودة إليها ويصدر تشريع بإلغاء الاستثناء.).
اما قانون الجنسية العراقية النافذ رقم 26 لسنة 2006 النافذ فقد نص في المادة السادسة/ 2 منه على (لا يجوز منح الجنسية العراقية للفلسطينيين ضمانا لحق عودتهم إلى وطنهم.).
وقد يسأل البعض لماذا لم تسمح التشريعات العراقية بمنح الجنسية العراقية الى المواطن الفلسطيني. بالدرجة الأساس الامر يتعلق بموقف العراق المتضامن مع القضية الفلسطينية، وبغضه من الكيان الصهيوني وايمانا منه بتحرير دولة فلسطين. حيث ان العراق اعترف رسميا بجبهة التحرير الفلسطينية عام 1964، ومن ثم دولة فلسطين المعلنة بالجزائر عام 1988. وقد أعلن العراق الحرب على الكيان الصهيوني الذي تأسس حديثًا في عام 1948. ومنذ ذلك الحين ظلت العلاقات بين الطرفين عدائية في أحسن الأحوال. كما شاركت القوات العراقية في الحروب اللاحقة ضد إسرائيل في عامي 1967 و1973. وفي عام 1981، قصفت إسرائيل مفاعلاً نووياَ عراقياً تحت الإنشاء في التويثة، جنوب شرق، بغداد زاعمة تهديدًا للأمن القومي. وخلال حرب الخليج العربي، أطلق العراق على إسرائيل 43 أو 39 صاروخ سكود باليستي معدل، فقُتلَ 14 إسرائيلياً.
واخر موقف للعراق هو اصدار قانون تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني رقم (١) لسنة ٢٠٢٢. المقترح من الكتلة الصدرية. والذي منع إقامة العلاقات الدبلوماسية أو السياسية أو العسكرية أو الاقتصادية أو الثقافية أو أية علاقات من شكل آخر مع الكيان الصهيوني المحتل. وقد نصت المادة (الرابعة /1) من القانون المذكور على (يعاقب بالسجن المؤبد او المؤقت كل من سافر الى الكيان الصهيوني او زار احدى سفاراته او مؤسساته في دول العالم كافة او اتصل بأي منها.) وقد تصل العقوبة للإعدام استنادا لنص المادة (السادسة) لكل من اقام علاقة مع الكيان الصهيوني، دبلوماسية او اقتصادية او سياسية او عسكرية او امنية او ثقافية او أي علاقة من نوع اخر. كما ان العراق كسائر الدول العربية ملتزم بالقرار رقم (1547) لسنة 1959 الصادر من جامعة الدول العربية الذي حث الدول الأعضاء في الجامعة العربية على عدم منح الجنسية للفلسطينيين حفاظاً على الكيان الفلسطيني.
مما ذكر أعلاه يتضح ان جمهورية العراق نصت في تشريعاتها القانونية الامرة على منع تجنس المواطن الفلسطيني بالجنسية العراقية وذلك ايمنا بتحرير دولة فلسطين في يوم من الأيام. وبالتالي من الضروري جدا الحفاظ على الهوية الفلسطينية. كما ان اغلب التشريعات العراقية منحت المواطن الفلسطيني حق الإقامة ونصت على ان يعامل المواطن الفلسطيني معاملة المواطن العراقي.
ـــــــــــــ
المدير المفوض لشركة المسلة الدولية
للخدمات والاستشارات القانونية